القفص الذهبى ..
صفحة 1 من اصل 1
القفص الذهبى ..
القفص الذهبى
كانت الفكرة فكرته،
فقد أصرَّ فريد ابن التاسعة
على أن يشتريَ له أبوه قفصًا ذهبيًا
وفيه طائرا كَنارى ،
انّه يحبّ الكناري
بلونه الأصفر المائل إلى الحُمرة
وصوته العذب الرخيم ،
فقد شاهده عند صديقه منير .
كان ذلك منذ سنة ،
ولكن فريدًا
تغيّر في هذه الأيام كثيرًا ،
فقد علّمته
معلمة الصّفّ والتي يحبّها كثيرًا ،
علّمته
أنّ الطيور والعصافير
خُلقت لتعيش حُرّة
تنعم بالفضاء والحريّة والربيع
الذي ملأ الأرجاء ،
لا أن تُحبس في أقفاص.
لقد فكّر فريد وفكّر ...
كيف يمكن
أن يحرّر هذين الطائرين الجميلين
من الأسر ،
صحيح أن والده دفع ثمنهما
مبلغًا من المال ،
ولكنّ الحريّة أغلى ثمنًا
احتار فريد
هل يخبر امّه أم أباه بالأمر ،
أم يتصرّف بنفسه ،
وحكّ رأسه وضحك...
وفي اليوم التالي
عندما جاءت الأم لتطعم الكناريين ،
تعجّبت
حين لم ترَ الا كناريًا واحدًا.
أين الثّاني تساءلت ،
وتساءل الأب ،
وتساءل حتّى فريد ،
فباب القفص مقفَلٌ
ولا أثر للريش بجانبه.
وظلّ اللغز لغزًا ،
رغم أن الوالدين نظرا إلى ولدهما
نظرة فيها شيء من الشّكّ .
مرّت الأيام
والكناري يعيش الوحدة والحزن ،
فأقترح الأب أن يشتري كناريًا آخر ،
ولكنّ فريد
حاول ان يمنع هذه الخطوة ،
فاتفق الجميع على التأجيل.
اخذ فريد في عصر احد أيام
الربيع المتأخرة
القفص الذهبيّ والكناري في داخله،
أخذه إلى الحديقة
وعلّقه بغصن شجرة التوت ،
وما هي إلا لحظات
حتى هبط الكناري الثاني على القفص ،
وأخذ يزقزق
ويشارك شريكه الغناء.
نادى فريد
والديه ،
ونظر إليهما طويلا ،
وكأنه يرجوهما شيئًا .
ولم يخب ظنّه ورجاه ،
فها هو الأب
يقوم إلى باب القفص الذهبيّ فيفتحه ،
لينطلق الكناري الأسير
إلى الخارج مسرعًا ومزقزقًا
وكأنه يقول :
شكرًا ... شكرًا .
وطار الكناريان بعيدًا،
وطار معهما فريد إلى غرفته
ليعود حاملاً
من حصّالته مبلغاً من المال ،
وعرضه على أبيه
لقاء حريّة العصفورين ،
ومعتذرا
بأنه هو هو الذي حرّر الكناري الأول ،
في خطوة لتحرير الثاني .
ضحك الوالدان كثيرًا،
ورفضا قبول المبلغ ،
بل مدحاه على أخلاقه ومبادئه.
ظلّ القفص الذهبيّ
مُعلَّقًا بشجرة التوت ،
مفتوح الباب ، عامرًا بالطعام ،
يبيت فيه الكناريان ليلا،
ليطيرا صباحًا على أجنحة الحُريّة ،
ليس قبل أن يُغرّدا
أغنية الصّباح الجميلة
على نافذة غرفة فريد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى